فى ذكرى الثلاثين لانتفاضة الحجارة .. ترامب يغتال طائر العنقاء الفلسطينىد. عبير عبد الرحمن ثابت

د. عبير عبد الرحمن ثابت
غزة-9/12/2017-أخبار اليوم الفلسطينية:لم يقتل الرئيس الأمريكى دونلد ترامب مسيرة التسوية؛ برصاصة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ والتى أطلقها بالأمس، بل الحقيقة أن الرجل أطلق الرصاصة فى الهواء؛ فى احتفالية تأبينية على قبر فارغ، لما يعرف بمسيرة السلام والتسوية؛ والتى كانت لأكثر من ربع قرن كائناً وهمى المعالم وبلا روح، أشبه ما يكون بطائر العنقاء؛ والتى رأت إسرائيل فيه ضالتها المثلى؛ للخروج من أزمتها الأمنية والديمغرافية والسياسية؛ والتى أوقعتها فيها الانتفاضة الاولى، والتى للمفارقة تحل ذكراها الثلاثون اليوم، والتى وضعت إسرائيل فى حينه وجه لوجه أمام حقائق التاريخ والجغرافيا والديمغرافيا؛ التى تجاهلتها لأربع عقود من عمرها .
إنها الصدمة  التى أربكت كل إسرائيل من أعلى مراكز اتخاذ القرار إلى رجل الشارع، فلأول مرة وجدت إسرائيل نفسها أمام  جماهير شعب أنكرت وجوده، حتى أن جولدا مائير قالت فى أحد تصريحاتها الساخرة أين هم الفلسطينيون ؟  ومن هم الفلسطينيون؟ أنا فلسطينية .

وخرج الفلسطينيون بمئات الآلاف إلى الشوارع بأعلامهم، وكوفيتهم؛ وبأحلامهم الوطنية؛ وبغضبهم، ليسطروا فى كتب العلوم السياسية مصطلح جديد وحصري من صناعتهم؛ اسمه الانتفاضة؛  إنها عبقرية النضال الشعبى حين تريد الشعوب الحياة، فيكون رهن إشارتها القدر، وكانت قوة انتفاضة الحجارة بيد الطفل الفلسطينى الذى حمل الحجر؛ وكان تأثير الطفل الفلسطينى أقوى من تأثير الجنرالات على إسرائيل، وكانت حجارته أقوى من الصواريخ، وهم حقاً جنرالات فلسطين الحقيقيين الذين هزوا إسرائيل استرتيجياً واقتصادياً وسياسياً .

وعلى مدار خمس سنوات عجزت إسرائيل عن وقف الانتفاضة، التى أعادت القضية الفلسطينية إلى خارطة السياسة الدولية، وشكلت ضربة قوية لمشاريع جلب المهاجرين الروس لإسرائيل بحكم الاضطراب الأمنى، علاوة على الشلل الذى أحدثته فى خطط الاستيطان فى الضفة والقطاع؛ فلم يكن أمام إسرائيل من طريق للاستمرار فى مشاريعها الاستيطانية؛ ومشاريع تهجير ما يسموا يهود الاتحاد السوفيتى، واستمرار الحياة الطبيعية فيها إلا بالمضي قدما نحو حل سياسى لتلك الانتفاضة، 

فانخرطت إسرائيل فى مفاوضات مؤتمر مدريد وعندها زل لسان اسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل فى حينه؛ وقال سأفاوض الفلسطينيين 20 عام، وهو ما حدث، وبدأت مسيرة السلام الفعلية عبر قناة سرية أنتجت اتفاق أوسلو؛ الذى كان فى حينه ترجمة مقبولة لميزان القوة على الأرض إسرائيليا، واعترفت إسرائيل وباليقين بأن هناك شعباً اسمه الفلسطينيين، وذلك لأنها رأته خلال خمس سنوات يقارعها على الأرض؛ وفشلت فى قمعه وكسره.

وهناك حقيقة تاريخية مفادها أن الشعوب حين تثور لا أحد بمقدوره مجابهتها، وأفضل ما يمكن فعله هو تهدأتها،  وهو ما فعلته اسرائيل؛ حيث استطاعت ضرب كل العصافير بحجر واحد، فبموجب اتفاق أوسلو؛ الذى أعطى الاتفاق للشعب الفلسطينى كل مظاهر الاستقلال، من خلال إظهار كل السمات الشكلية المحسوسة للدولة، من سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية وعلم وجواز سفر ومطار؛ حتى السفارات فى الخارج غضت إسرائيل الطرف عنها؛ رغم تعارضها مع الاتفاقات الموقعة؛ ومفهوم الحكم الذاتى، وانسحبت اسرائيل من المناطق والمدن ذات الكثافة العالية، والتى كانت المسرح الرئيسى للمواجهات خلال الانتفاضة الأولى، وبدأت مسيرة التسوية؛ أو مسيرة طائر العنقاء؛ الذى أضحى يجوب الأفق عبر لقاءات التفاوض ومؤتمراته؛ من مدريد إلى أوسلو وواشنطن؛ إلى القاهرة إلى شرم الشيخ وصولاً إلى كامب ديفد، إلى أن اكتشف الراحل ياسر عرفات حقيقة أن الإسرائيليين لا يعرفوا إلإ المماطلة لكسب الو... قراءة المزيد







اخبار اليوم الفلسطينية
شاركه على جوجل بلس

عن محمد المصري

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

اخبار اليوم الفلسطينية ترحب بك

code

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بحث هذه المدونة الإلكترونية